بين تراجع النفط عالميًا وارتفاع البنزين محليًا.. مفارقة تثير الجدل
الدولةFEATUREDالوزارةالمحافظة


شهدت أسعار الوقود والمشتقات النفطية في مصر تعديلات متتالية، تجاوزت عشرين مرة خلال السنوات الأخيرة، في إطار سياسة حكومية تهدف إلى تقليص الدعم وتحرير الأسعار تدريجياً.
وفي أول زيادة للعام 2025، والثانية خلال أقل من ستة أشهر، أعلنت الحكومة المصرية عن رفع جديد لأسعار البنزين والمشتقات النفطية، اعتباراً من يوم الجمعة، في خطوة كانت متوقعة من قبل خبراء الاقتصاد. وتأتي هذه الخطوة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والذي ينص صراحة على إلغاء الدعم تدريجياً وتحرير أسعار الوقود لتتواكب مع الأسعار العالمية.
ورغم أن القرار لم يكن مفاجئاً، إلا أنه أثار موجة من الغضب وردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي. حيث أعرب كثير من المستخدمين عن استيائهم من توقيت الزيادة، لا سيما في ظل حديث دولي عن تراجع أسعار النفط عالمياً خلال الفترة الأخيرة.
وتساءل البعض عن مغزى رفع الأسعار محلياً في وقتٍ تشهد فيه الأسواق العالمية انخفاضاً نسبياً في أسعار النفط الخام، مما أعاد النقاش حول آلية التسعير المحلي ومدى ارتباطها فعلياً بالأسعار الدولية.
الآثار المعيشية... أعباء تتزايد
بعيد الإعلان الرسمي عن الزيادة، بدأت العديد من المحافظات في مصر برفع تعريفة المواصلات، ما زاد من مخاوف المواطنين بشأن ارتفاع متوقع في أسعار السلع والخدمات الأساسية، كالغذاء والنقل، وهو ما يزيد من الضغوط الاقتصادية على شريحة كبيرة من المواطنين.
ويحذر مراقبون من أن ارتفاع أسعار الوقود عادة ما يؤدي إلى موجة تضخم جديدة، في بلد يعاني أصلاً من ارتفاع مستويات الأسعار خلال السنوات الماضية.
أسئلة مشروعة وإجابات غائبة
يثير القرار الحكومي الكثير من الأسئلة المشروعة حول مدى التزام الدولة بمراعاة البُعد الاجتماعي أثناء تنفيذ برامج الإصلاح، ومدى قدرتها على توفير آليات دعم بديلة للفئات الأكثر تضرراً.
وفي ظل غياب توضيحات حكومية شاملة حول آلية التسعير، ومدى تأثرها بالتغيرات العالمية، وتوقيت اتخاذ القرار، يبقى المواطن في قلب معادلة اقتصادية صعبة، بين إصلاحات تراها الدولة ضرورية، ومتطلبات معيشية تتصاعد حدتها يوماً بعد يوم.
رؤية تحليلية: بين الإصلاح الاقتصادي والضغوط الاجتماعية
يعلّق الخبير الاقتصادي د. أحمد فوزي على الزيادة الأخيرة قائلاً:
"القرار يأتي في إطار التزام الحكومة المصرية بتوصيات صندوق النقد الدولي، الهادفة إلى إصلاح هيكل الدعم وتخفيض عجز الموازنة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق هذا الإصلاح دون تحميل الفئات المتوسطة والفقيرة أعباء إضافية."
ويضيف فوزي أن الربط بين الأسعار المحلية والعالمية لا يكون فورياً أو مباشراً، حيث تؤثر عوامل أخرى مثل سعر صرف الجنيه، وتكاليف النقل والتكرير، والضرائب والرسوم المحلية.
وبينما يرى البعض أن تحرير الأسعار خطوة لا مفر منها لتحقيق الاستدامة المالية، يؤكد الخبراء على ضرورة وجود برامج حماية اجتماعية موازية، لضمان عدم انزلاق شرائح جديدة من المواطنين تحت خط الفقر، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتضخم المتسارع.