ترامب وترودو: صراع لم يهدأ.. هل تنفجر الأزمة؟
الدولةFEATURED


لطالما تمتعت كندا والولايات المتحدة بعلاقات وثيقة، تمتد جذورها إلى التحالفات التاريخية والمصالح الاقتصادية المشتركة.
ومع ذلك، لم تكن هذه العلاقة خالية من التوترات التي تصاعدت في مراحل مختلفة، خاصة في ظل التغيرات السياسية والإدارية التي شهدها البلدان.
وفي الفترة الأخيرة، باتت العلاقات بين رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد إعادة انتخابه عام 2024، عنوانًا لصراع سياسي واقتصادي مفتوح يحمل تداعيات عميقة على البلدين.
محطات تاريخية في التوتر بين كندا وأمريكا
رغم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لم تخلُ العلاقات من أزمات تاريخية، أبرزها:
حرب 1812: واجهت الولايات المتحدة وكندا، التي كانت آنذاك تحت الحكم البريطاني، نزاعًا عسكريًا أدى إلى تدمير مبانٍ في واشنطن، منها البيت الأبيض.
سياسات الحماية الاقتصادية: فرضت الولايات المتحدة عدة سياسات حمائية أضرت بالاقتصاد الكندي، مثل قانون Smoot-Hawley Tariff Act عام 1930.
الحرب الباردة: رغم التعاون الأمني، اختلفت وجهات نظر البلدين حول السياسة الخارجية، خصوصًا فيما يتعلق بكوبا وحرب فيتنام.
رفض المشاركة في حرب العراق 2003: رفضت كندا الانضمام إلى التحالف الأمريكي في حرب العراق، ما أدى إلى توتر مع إدارة الرئيس جورج بوش الابن.
ترامب وترودو: صراع لم يهدأ
التوتر في الفترة الرئاسية الأولى لترامب (2017-2021)
اتفاقية "نافتا" والصراع التجاري: هدد ترامب بإنهاء اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك، وأعاد التفاوض عليها ليتم استبدالها بـ اتفاقية USMCA بشروط أكثر صرامة على كندا.
التعريفات الجمركية: فرض ترامب رسومًا على الألمنيوم والصلب الكندي، مما دفع كندا للرد برسوم انتقامية على المنتجات الأمريكية.
قمة G7 في كندا (2018): تصاعد التوتر بعد وصف ترامب لترودو بأنه "غير نزيه وضعيف" بسبب تصريحاته حول التعريفات الجمركية.
خلافات في الناتو: انتقد ترامب كندا علنًا لعدم رفع إنفاقها العسكري كما طالب، ما أدى إلى توتر في الاجتماعات الدولية.
عودة التوتر بعد إعادة انتخاب ترامب (2024-حتى الآن)
بعد خسارته في 2020 وعودته إلى البيت الأبيض في 2024، عاد ترامب إلى تبني نهج أكثر عدائية تجاه كندا:
سياسات اقتصادية صارمة: أعاد ترامب فرض تعريفات جمركية على عدة صادرات كندية، ما أدى إلى أزمة تجارية جديدة بين البلدين.
التدخل في الشؤون الكندية: في يناير 2025، صرح ترامب بأن "كندا يجب أن تصبح الولاية الأمريكية رقم 51"، ما أثار استياء واسعًا في الأوساط السياسية الكندية.
تصريحات عدائية: وصف ترامب ترودو بـ"ضعيف الإرادة"، بينما أكد ترودو أن كندا لن "تنحني أمام التهديدات".
تحركات دبلوماسية كندية: أعاد ترودو تشكيل لجنة وزارية خاصة للتعامل مع العلاقات الأمريكية، كما بدأ حملة دبلوماسية لكسب دعم دولي ضد سياسات ترامب التجارية.
مكالمة الـ 50 دقيقة: محاولة للتهدئة أم استمرار للخلاف؟
في فبراير 2025، أجرى ترامب وترودو مكالمة هاتفية استمرت 50 دقيقة، ناقشا خلالها قضايا رئيسية:
الصراع في أوكرانيا: أكد ترودو أن ترامب هو الزعيم العالمي الوحيد الذي يمكنه الدفع نحو سلام عادل ودائم في المنطقة.
أمن الحدود ومكافحة تهريب المخدرات: ناقشا الجهود المشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية ووقف تدفق المخدرات عبر الحدود.
التحضير لقمة مجموعة السبع: تبادل الزعيمان وجهات النظر حول أولويات القمة المقبلة.
إطلاق قوة "ضاربة" مشتركة: أعلن ترودو اتفاقه مع ترامب على تشكيل قوة مشتركة، دون توضيح تفاصيلها.
تأتي هذه المكالمة في ظل التوترات المتزايدة بين البلدين، مما يعكس محاولات الطرفين لإبقاء الحوار مفتوحًا رغم الخلافات العميقة.
وفي منشور على منصة منصة "تروث سوشيال"، قال ترامب إنه أخبر ترودو بأنه غير مقتنع بجهود الحكومة الكندية للحد من تدفق "الفنتانيل" عبر الحدود.
وقال ترامب: "أخبرته أن العديد من الناس قد ماتوا بسبب الفنتانيل القادم عبر حدود كندا والمكسيك، ولم يقنعني شيء بأن الأمر قد توقف. قال لي إن الوضع تحسن، لكني أجبته: ’هذا غير كافٍ".
وأضاف أن المكالمة "انتهت بطريقة ودية إلى حد ما"، لكنه أشار إلى أنه سأل ترودو عن موعد الانتخابات الكندية ولم يحصل على إجابة واضحة، مما أثار فضوله.
وواصل ترامب قائلا: "أدركت بعد ذلك أنه يحاول استخدام هذه القضية للبقاء في السلطة. حظا سعيدا جاستن!".
وفي منشور آخر، هاجم ترامب سياسات ترودو الحدودية، متهما إياه بأنه المسؤول عن تدفق كميات كبيرة من الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة.
وقال ترامب: "أخبرت الحاكم جاستن ترودو أن سياساته الحدودية الضعيفة هي السبب الرئيسي للمشاكل التي نواجهها مع كندا، حيث سمحت بتدفق كميات هائلة من الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة. هذه السياسات مسؤولة عن وفاة العديد من الأشخاص!"
الآفاق المستقبلية للعلاقات الكندية الأمريكية
رغم التوترات، من غير المتوقع حدوث قطيعة كاملة بين البلدين نظرًا للتشابك الاقتصادي الكبير.
ومع ذلك، فإن سياسات ترامب العدائية، إلى جانب إصرار كندا على الدفاع عن سيادتها، قد تؤدي إلى تصاعد الخلافات، خصوصًا إذا استمرت الولايات المتحدة في فرض سياسات تجارية حمائية.